روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | في ذكرى سقوط الأندلس 520.. حكاية الأندلس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > في ذكرى سقوط الأندلس 520.. حكاية الأندلس


  في ذكرى سقوط الأندلس 520.. حكاية الأندلس
     عدد مرات المشاهدة: 4274        عدد مرات الإرسال: 0

الأندلس ليست بمكان ولا زمان, بل هي تجربة حضارية إنسانية لا مثيل لها استمرت تنير ظلمات العالم زهاء الثمانية قرون من الزمان. وفي الذكرى الـ 520 لسقوطها دعوني أحاول المرور-دون إطالة- على الخطوط العريضة، وأحكي لكم حكايتها.. حكاية الأندلس.

معنى كلمة الأندلس:

كانت الأندلس تحت حكم الإمبراطورية الرومانية، ثم احتلتها قبائل إسكندنافية تُدعى الفاندال, فسميت الأرض فندالوسيا, ثم أندلوسيا, ثم الأندلس عند المسلمين.

مقدمات الفتح:

فتح المسلمون شمال إفريقيا حتى وصلوا للمحيط الأطلنطي في أقصى الغرب، وكان أمامهم خياران, إما مواصلة الفتوحات جنوبًا في الصحراء الكبرى حيث الكثافة السكانية القليلة والمناخ القاسي، أو الزحف شمالًا إلى الأندلس حيث مملكة القوط والمدن المكتظة بالسكان.

ففضلوا الخيار الثاني؛ لأنه كان أفضل لنشر الإسلام، وتوصيله لقطاع عريض من الناس.

عصر الفتح:

في عام 710م وفي عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك جهز والي شمال إفريقيا موسى بن نصير جيشًا بقيادة طارق بن زياد لفتح الأندلس.

عبر طارق المضيق-الذي سمي باسمه لاحقًا- على رأس سبعة آلاف رجل، وهزموا جيشًا للقوط في جنوب الأندلس.

ثم توجه لطارق بن زياد ملك القوط لذريق على رأس جيش جرار، ودارت معركة حامية في مكان يُعرف بوادي برباط، انتصر فيها المسلمون وكسروا شوكة القوط في هذه البلاد نهائيًّا.

استمر طارق بن زياد في التوغل إلى عمق الأندلس حتى فتح إشبيلية وطليطلة، وانضم له بعد ذلك موسى بن نصير على رأس جيش آخر حتى فتحوا معًا كل ما يُعرف الآن بإسبانيا والبرتغال في عام 713م.

عصر الولاة:

والمقصود بعصر الولاة أن الأندلس في تلك الفترة كان يحكمها والي يعينه الخليفة الأموي. وكان أول الولاة هو عبد العزيز بن موسى بن نصير.

وتعاقب على حكم الأندلس في هذا العصر 22 واليًا في 44 سنة هي عمر هذا العصر.

من أهم سمات هذا العصر دخول الإسبان في الإسلام, ونشأة جيل المولدين الناتج عن تزاوج العرب والبربر بالسكان الأصليين.

واتخاذ المسلمين مدينة قرطبة عاصمة لهم, وامتداد الفتوحات لتشمل أجزاء من جنوب فرنسا.

ومن أعظم ولاة تلك الفترة السمح بن مالك الخولاني الذي صال وجال بجيوشه في فرنسا, وعبد الرحمن الغافقي الذي أنشأ مصانع السلاح وتوسع في الزراعة.

وغيرهم من الولاة العظام. إلا أن الولاة في نهاية هذا العصر اتسموا بالضعف والميل الزائد إلى الترف, حتى كادت الأندلس أن تتفكك. لكن جاءتها معجزة في صورة رجل يبدأ معه عصرنا التالي.

عهد الإمارة الأموية:

بعد سقوط دولة بني أمية في دمشق وقيام الدولة العباسية هرب أحد أمراء بني أمية من بطش العباسيين وراسل الأندلسيين وخطب ودهم.

وعلم أنهم ضاقوا ذرعًا بولاتهم الضعاف الذين كادوا أن يضيعوا البلاد. فانطلق إلى الأندلس وحارب هؤلاء الخونة، واستتب له الأمر وبدأ به عهد الإمارة أو الخلافة الأموية في الأندلس.

هذا الرجل هو عبد الرحمن الداخل الذي يعرف بصقر قريش. عمل عبد الرحمن الداخل على تقوية الجيش وتطهير الشرطة والقضاء.

وأعاد الأندلس كما كانت بل أقوى وأفضل. كما أنشأ أسطولًا بحريًّا واهتم بميزانية الدولة. وكان عهده عهد ازدهار, وتوالى بعده الخلفاء..

ثم عاشت الأندلس فترة ضعف أخرى حتى جاءها قائد عظيم آخر من أحفاد عبد الرحمن الداخل يُدعى عبد الرحمن ناصر, في عهده بلغت الأندلس أوج مجدها.

وهو أعظم ملك أوربي على الإطلاق بشهادة الأوربيين أنفسهم, شهد عهده طفرة علمية ومعرفية واجتماعية كبيرة.

عهد الدولة العامرية:

مات الحكم بن عبد الرحمن الناصر وابنه صغير السن، فقام قبل وفاته بتعيين مجلس وصاية على الطفل والخلافة مكوَّن من أم الصبي والحاجب وقائد الشرطة.

وهو يمني يُدعى محمد بن عامر. طمع محمد بن عامر في السلطة ووصل إليها بالمكائد، وكانت هذه بداية عهد الدولة العامرية التي لم تستمر طويلًا، واتسمت فترة حكمها بالقلاقل.

عهد ملوك الطوائف:

بعد انهيار الدولة العامرية نشب صراع على السلطة في الأندلس، انتهى بتقسيمها إلى سبع ممالك صغيرة.

ثم قُسمت بعد ذلك إلى اثنتين وعشرين مملكة أو دويلة تحكم أسرة كل واحدة منها, ومن أشهرهم بنو عباد وبنو الأحمر.

تصارع ملوك الطوائف فيما بينهم، بل وكانوا يستعينون بأمراء الممالك الأوربية المحيطة على قتال بعضهم البعض.

فاستعان أحدهم بالقشتاليين على أخيه فسقطت سرقسطة في أيديهم, ثم طليطلة ومدن أندلسية كثيرة.

عهد المرابطين والموحدين:

جاءت دولة المرابطين من المغرب العربي، فانتشلت الأندلس مؤقتًا من الضياع الذي أوقعها فيه ملوك الطوائف.

ثم جاءت دولة الموحدين فأزاحت المرابطين، وحكمت مكانهم, واندلعت الفتن وظهرت الانشقاقات في كل موضع حتى سقطت قرطبة عاصمة الخلافة الإسلامية في الأندلس.

ثم تلتها بلنسية حتى سقط معظم الأندلس، ولم يبق منها إلا مملكتان؛ مملكة غرناطة وكان يحكمها بنو الأحمر, ومملكة إشبيلية.

ثم وقع ابن الأحمر معاهدة مع القشتاليين أدت إلى اشتراكه معهم في حصار إشبيلية، والقضاء عليها. ولم يبق من الأندلس كلها إلا مملكة غرناطة الصغيرة في الجنوب.

مملكة غرناطة:

ظل ملوك غرناطة من بني الأحمر يدفعون الجزية لمملكة قشتالة, وتركوا الجهاد، واهتموا بالماديات فأخذت مملكتهم-الصغيرة أصلًا- تتآكل شيئًا فشيئًا. ومع اتحاد مملكتي قشتالة وأراجون بزواج ملك الأولى فرناندو بوريثة عرش الثانية إيزابيلا- زاد الضغط على مملكة غرناطة.

فأعد الزوجان جيشًا جرارًا وحاصرا غرناطة، التي لم يستطع ملكها الضعيف الصمود في وجه هؤلاء, فوقع اتفاقية على التسليم..

سلمهم مفاتيح غرناطة وخرج منها يبكي بحرقة, ثم توجه إلى المغرب حيثُ حوكم هناك بتهمة الخيانة العظمى، وسُجن حتى مات. ويُقال: إن أولاده شُوهدوا يتسولون في شوارع مراكش, فسبحان المعز المذل!!

وبذلك تكون الأندلس قد سقطت تمامًا سنة 1492م.

المسلمون بعد سقوط الأندلس:

ظل المسلمون يعانون طويلًا بعد سقوط الأندلس من التنصير الإجباري والإبادة الجماعية ومحاكم التفتيش, كما قاموا بثورات متفرقة عبر السنين أشهرها على الإطلاق ما يعرف بثورة البشرات.

وفي عام 1614م أعلنت السلطات الإسبانية رسميًّا تمكنها من طرد جميع السكان المسلمين والقضاء عليهم, إلا أن هذا ليس صحيحًا تمامًا.

فقد أخفى بعض المسلمين إسلامهم، وظلوا يعلِّمونه لأولادهم جيلًا بعد جيل.. وبهذا تنتهي حكاية الأندلس.

 
الكاتب: محمد نصير

المصدر: مدونة نصيريات